تاونات: إسدال الستار على فعاليات الدورة 11 للمهرجان الوطني لفنون العيطة الجبلية
أسدل الستار مساء يوم السبت المنصرم بتاونات على فعاليات الدورة الحادية عشرة للمهرجان الوطني لفنون العطية الجبلية الذي نظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، على مدى ثلاثة أيام 15 و 16 و 17 يونيو الجاري بمدينة تاونات من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة – بشراكة مع عمالة إقليم تاونات ومجلس جهة فاس – مكناس ومجلس إقليم تاونات ومجلس جماعة تاونات، ووكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال.
وقد انطلقت فعاليات المهرجان في يومه الأول تحت إشراف السيد عامل إقليم تاونات، بإلقاء كلمة السيد وزير الشباب والثقافة والاتصال، تلاها نيابة عنه السيد المدير الجهوي للثقافة، أشار فيها إلى أن ثراء وغنى الذاكرة الوطنية التراثية، بقدر ما هو مبعث فخر واعتزاز لدى كل المغاربة بالقدر ذاته يحملنا جميعا مسؤولية صيانته وحمايته من المتربصين وعمليات القرصنة المكشوفة التي ينهجها البعض.
وأضاف أن الرسالة الملكية السامية التي وجهها جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده للمؤتمرين في الرباط، خلال شهر نونبر الماضي بمناسبة انعقاد الدورة السابعة عشرة للجنة الدولية لصون التراث الثقافي اللامادي التابع لمنظمة التربية والعلوم والثقافة ( يونيسكو) خير سبيل لمأسسة عملية صيانة تراثنا المتفرد.
ويأتي تنظيم المهرجان تنفيذا لاستراتيجية وزارة الشباب والثقافة والتواصل- قطاع الثقافة – ذات الصلة بالمجال الفني الرامية إلى إبراز الموروث الثقافي والفني المغربي المتنوع، من خلال مجموعة من الآليات والتدابير، وخصوصا منها المهرجانات، ونظرا للقيمة الثقافية والفنية والتاريخية والسياحية لتاونات ومحيطها، ووعيا منها بالخصوصية الثقافية والفنية لفنون العيطة الجبلية وتجدرها في مناطق واسعة من شمال المملكة المغربية ، واعتبارا لكون أن هذا التراث الموسيقي الأصيل يعتبر أحد مكونات الموروث الثقافي الوطني المتنوع، وشكلا من الأشكال الفنية والتراثية المعبرة عن الهوية الثقافية المغربية.
وأشار السيد فؤاد مهداوي المدير الجهوي للثقافة بجهة فاس مكناس، في كلمته بالمناسبة، أن جديد هذه السنة يتميز من خلال ما تمت مراكمته طيلة 11 دورة سابقة، بتوسيع القاعدة الفرجوية والثقافية للمهرجان ليس خلال تنظيمه في مدينة تاونات بل تعداه إلى عدد من المدن من أجل إشراك عدد أكبر من الساكنة ومن المواطنين، مبرزا أن هذه الدورة تحتفي بعالمين بارزين من أعلام هذا الفن التراثي وهما عبد السلام الساحلي وكريمة الطنجاوية اللذين أضافا الكثير لهذا الفن التراثي إضافة إلى التجديد فيه.
كما كانت المنصة الرسمية بساحة الحسن الأول في يومها الثاني على موعد مع عروض فنية من المستوى الرفيع قدمتها فرقة عبد الرحيم المجدوبي المعروف فنيا بالصنهاجي الذي يعد من الفنانين المشهورين في ميدان العيطة الجبلية الذي تتلمذ على يد الفنان الكبير المرحوم محمد العروسي، وكذا فرقة الفنانة كريمة العنتيت الملقبة بالطنجاوية التي تم تكريمها بمناسبة حفل افتتاح المهرجان والتي أبدعت في مجال تراث العيطة الجبلية في عدد من المهرجانات والسهرات الفنية.
وفي إطار انفتاح المهرجان على مختلف الألوان الموسيقية الأخرى، فقد تابع الجمهور الحاضر بحماس منقطع النظير فرقة الفنان الشهير مصطفى المهراوي المعروف بموس ماهر الذي قدم مجموعة من الأغاني المعروف بها وعلى رأسها “ماميا” و” الحماق حماقي”، لتختتم سهرة هذا اليوم بفرقة الفنان الشعبي الأمازيغي مصطفى أومكيل التي ذاع صيتها بالمغرب والذي رسم لوحات فنية أمازيغية.
وقد قدمت الفرق المذكورة عروضا فنية ووصلات موسيقية في فن العيطة الجبلية وأنواع موسيقية أخرى جسدت غنى الموروث الثقافي والفني الذي تتميز به بلادنا عموما وإقليم تاونات وباقي الأقاليم المعروفة بفن العيطة الجبلية، والتي ألهبت حماس الجمهور الحاضر عاش لحظات رائعة وتفاعل معها بشكل إيجابي وتركت استحسانا في صفوفه.
كما تميزت السهرة الختامية للمهرجان في يومها الأخير على مستوى المنصة الرسمية بساحة الحسن الأول بتقديم عرض موسيقي رائع لفرقة المنتخب الإقليمي للعيطة الجبلية التي ضمت أشهر عازفي هذا اللون الموسيقي بتاونات، والذين قدموا لوحات موسيقية تمتزج فيها الأغنية الجبلية مع أنماط تراثية أخرى والتي تدخل ضمن خانة الاجتهادات الفنية التي تهدف إلى تشجيع الأغنية الجبلية والانفتاح على غيرها من الأصناف والألوان الفنية المغربية والتي دأبت الفرقة الإقليمية بتاونات على إبداعها في مثل هذه المناسبات وخاصة مهرجان العيطة الجبلية بتاونات، وتضمن عرض الفرقة الموسيقية ريبيرتوارا متنوعا من التراث الموسيقي المغربي بمصاحبة رقصات جبلية ممتعة .
كما عرفت الأمسية الختامية تقديم عروض فنية لفرقة الحضرة الشفشاونية برئاسة نعيمة الفيلالي التي قدمت قصائد ومقاطع موسيقية لهذا الفن، بالإضافة إلى فرقة العيطة الجبلية برئاسة الفنان أحمد الهبطي الصوفي بمدينة شفشاون وكذا الفنان الشعبي يوسف زوبيد الذي قدم عروضا ولوحات موسيقية في فن العيطة المسفيوية والعبدية والحريزية.
وفي إطار الأنشطة الموازية للمهرجان، كان الجمهور على موعد مع فقرات وعروض فنية بمنصة حديقة 16 نونبر انطلقت على الساعة السابعة مساء والتي قدمتها فرق فلكلورية متنوعة.
وقد عرفت هذه الدورة نجاحا باهرا جسده الحضور الجماهيري الكثيف الذي تفاعل مع مختلف العروض الفنية، وكذلك بفعل التنظيم المحكم والجيد لبرنامج المهرجان الذي تبذل السلطات الإقليمية بتعاون مع القطاع الوصي ومختلف الشركاء والفاعلين جهودا قيمة لضمان استمراريته وتطويره والرقي به إلى مستوى باقي المهرجانات الوطنية باعتباره يشكل متنفسا للساكنة للترويح عن النفس وقضاء أوقات ممتعة طيلة أيام هذه التظاهرة الفنية.