“شرعية” عبدالإله بنكيران؟

“الصدق أمانة والكذب خيانة”

أبو بكر الصديق

بقلم: عبدالحق الريكي

صعب الكتابة حول شخصية بنكيران؟ لماذا؟ لسبب بسيط هو أنك معه أو ضده. يبدو أن هذه الأيام، الكفة تميل إلى مع من ضده. خاصة أن كنت من أهل اليسار، كما هو الشأن مع هذا الشخص. كنت أود أن أكتب عن هذه الشخصية الهامة، خلال ترأسه الحكومة في 2012، لكن ترددت كثيرا لأن أصحاب السوء كانوا يرددون أسطوانة أنني أبحث عن منصب ما.

من ذلك الوقت وأنا أنوي الكتابة حوله. نحن في 2024، ومرت أشياء كثيرة لكن الأكيد أنه ما زال الحديث حوله إلى يومنا هذا، رغم أن حزبه مني بهزيمة انتخابية قصوى خلال الانتخابات التشريعية 2021.

فالسؤال يتبادر من تلقاء نفسه: من أين يستمد كل هذه القوة. سأحاول أن أكون موضوعيا في تناول هذه الشخصية. بعض الأحيان سأتحدث انطلاقا من معطيات وبعض الأحيان الأخرى من تكهنات ونظريات. أطلب من القارئ أن ينهي هذا المقال ويدلي بموقفه.

اليوم، سنة 2024، بنكيران هو حديث الصحافة، وهو المعارض الأول للكثيرين. وأغلبية الصحف والأحزاب والمؤسسات، تطالب منه الانسحاب من قيادة حزبه وتمكين الجيل الثاني من التموقع بالحزب. لماذا؟

حين تم تعيينه من طرف ملك البلاد سنة 2011. كان الحديث حول “ربطة العنق” و”المهرج”. بقيت هاته الألفاظ تتبعه إلى سنة 2017. لكن الكل كان متفقا على كونه كان متحدثا بارعا، حيث كانت تداخلاته مثلا في مجلس النواب تثير فضول الناس في كل الأمكنة خاصة المقاهي. كان معروفا بضحكاته ونكته.

أما اليوم، 2024، نتحدث كثيرا عن سيارته، وعن أجره التي منحهما إياه ملك البلاد، وكذا عن سياساته في تفكيك الدولة، أغلبية المحللين يتناسون أن نظرته للاقتصاد والدولة “نيوليبرالية” أصلا، كما هو الحال مع تصور “الإخوان المسلمين” لكن مع نكهة اجتماعية.

لكن، من أين أتى شخص “عبدالإله بنكيران”؟ ما نعرف أنه كان اتحاديا سنة 1972، ولولا الصورة الشهيرة مع الاتحادي الاشتراكي محمد الساسي، لما استطعنا الحديث عن ماضيه. فالكل كان متفقا على كونه كان عنصرا رئيسيا في تنظيم “الشبيبة الإسلامية”. أعتقد أن هذه الشخصية البارزة بالنسبة لي، كانت “بصيرة” في زمن كان يعتقد أن المستقبل لحزب الاتحاد الاشتراكي، في الوقت الذي كانت “بصيرته” تقول إن المستقبل للحركات الإسلامية.

كان بنكيران “visionnaire” وما زال إلى يومنا هذا. هذا التخمين من جانبي يحدث رجة كبرى. قلت في بداية المقال، كوني سأتحدث انطلاقا من معطيات (faits) وأيضا من تخمينات (suppositions). الأجهزة الأمنية ستفهم مغزاي. المهم، هو كون السيد بنكيران حديث الجميع والكل يضرب له ألف حساب. الدليل في ذلك أن الكل يطالبه بترك حزبه. هل هذا هو الحل؟

ما أعاتب السيد بنكيران، هو كونه نسي “قطب” ونظريته في كتابه “الطريق” حول “الأخدود”. وذلك ما طبقه “الإخوان المسلمون” في “رابعة العدوية” في مصر. فكانت النتيجة “فناء” كل الكوادر مع أولادهم في ساحة القتال، وما تبقى في السجون أو المنفى. في المغرب حزب العدالة والتنمية اختار طريق آخر، هو طريق المهادنة والسلم، خاصة مع توقيع الاتفاق مع إسرائيل. هل هذه السياسة جيدة، إن الأمور بخواتمها كما كان يقول دائما النقابي المغربي محمد نوبير الأموي.

أعتقد، جازما، أن السيد بنكيران، هو الحل، ضمن حلول أخرى. وأن الكثيرين ينتظرون منه الكثير، سواء “المخزن” أو “الإسلاميين” أو حتى جزء من “اليسار”. هذه تخمينات مني لا غير. العلم عند الله، كيف ستتطور الأمور. كان من الممكن أن تأخذ الأشياء مجاري متعددة منذ سنة 1972. لم يكن ينوي السيد بنكيران، أن يأتي “الربيع المغربي” ويصبح رئيسا للحكومة. لكن تذكروا ما قاله السيد بنكيران في برنامج تليفزيوني مع مصطفى العلوي و”تحقيره” له عن استعداده لكي يصبح رئيسا لحكومة المغرب.

هناك الكثير مما أقوله حول هاته الشخصية الذي أصبح منذ الانتخابات الأخيرة كطائر “الفنيق”. السيد بنكيران كان قد انسحب من التنظيم ومن “السياسة” قبل الأحداث الإرهابية للدار البيضاء.

وكما قال أول أمير للمؤمنين “أبو بكر الصديق” خلال خطبة شهيرة: ” الصدق أمانة والكذب خيانة”، فهل السيد بنكيران مع الأولى أو الثانية؟