عبد الصمد بن شريف مدير القناة الثقافية يلقي محاضرة بكلية الآداب سايس بفاس

في محاضرة ألقاها بكلية الآداب سايس بفاس

عبد الصمد بن شريف: تطوير الإعلام المغربي في حاجة لإرادة سياسية وطلبة الإعلام في حاجة للشغف والجرأة

ألقى الإعلامي المغربي عبد الصمد بن شريف، مدير القناة الثقافية، محاضرة حول تحولات الإعلام السمعي البصري بالمغرب، صباح يوم الثلاثاء 7 ماي بقاعة المحاضرات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس، أمام حشد غفير من طلبة شعبة علوم الإعلام والتواصل وشعبةة الدراسات الإنجليزية وثلة من أساتذة الكلية وبعض الإعلاميين والمهتمين بالشأن الإعلامي والثقافي داخل فاس وخارجها.

وتطرق بن شريف خلال هذا اللقاء المفتوح، المنظم من طرف شعبة علوم الإعلام والتواصل، إلى محطات مميزة في مساره الإعلامي، بانتقاله من الصحافة المكتوبة إلى العمل بالقناة الثانية كمقدم أخبار ثم منشط برامج سياسية واجتماعية ومدير تحرير الأخبار، قبل أن تسند له مهمة إدارة القناة المغربية، ثم تعيينه قبل خمس سنوات مديرا للقناة الثقافية.

ورصد المحاضر خلال مداخلته جملة من التحولات التي طالت قطاع السمعي البصري في إطار تحرير القطاع وإقرار التعددية الإعلامية، حيث اعتبر أن الانتقال الديمقراطي الذي عرفه المغرب في بداية الألفية الجديدة ساهم في تخفيف القيود على الممارسة الإعلامية في بلادنا، وفتح هامشا كبيرا من الحرية والانفتاح. وشدد أن المغرب في حاجة إلى هوليدنغ إعلامي مبنى على الاحترافية، وتُوفر له الموارد المالية والبشرية الكافية لأجل تقديم منتوج إعلامي جيد يضاهي القنوات العالمية المرموقة، مشيرا إلى أن المغرب مقبل على استحقاقات هامة، منها مونديال 2030، مما يستدعي بنظره إرادة حقيقية من طرف الدولة لتطوير هذا القطاع والرفع من تنافسيته.

وفيما يتعلق بآثار الإعلام الجديد على الممارسة الإعلامية بالمغرب، شدد عبد الصمد بن شريف أن ما يُنعت ب “الإعلام البديل” لم ولن يكون بديلا عن الإعلام التقليدي، المتمثل في الصحافة المكتوبة والإعلام السمعي البصري، بالرغم من اتساع قاعدته الجماهيرية ومساهمته في تقريب المعلومة من الجميع، واهتمامه بالانشغالات اليومية البسيطة للمواطن صوتا وصورة… واستدرك المُحاضر أن هذه الخدمات الجديدة التي حملها الإعلام الإلكتروني رافقتها مجموعة من الانتهاكات والانزلاقات الخطيرة، بسبب عدم التقيد بأخلاقيات المهنة، وافتقاد الكثير من الممارسين للتكوين والمعرفة بقواعد الصحافة، فضلا عن مظاهر التفاهة والميوعة التي أصبحت تطفو على السطح وتسيء للمهنة.

من جهة أخرى، شكَّل هذا اللقاء فرصة للتعرف على الوجه الآخر لعبد الصمد بن شريف، الكاتب والمؤلف. وفي هذا الصدد أكد المحاضر أن الكتابة لديه تمثل تجربة حياة، وتشكل منذ سنوات شبابه هاجسا للتعبير عن الذات وإثارة أسئلة الواقع الحارقة، مبرزا أنه منذ اعتقال سنة 1984 بجامعة محمد الأول بوجدة وقضائه ثلاث سنوات وراء القضبان وهو مسكون بقلق القراءة والكتابة، قبل أن ينضج مشروع التأليف لديه، ويثمر خمسة مؤلفات تستمد مواضيعها من معايشته لأحداث سياسية وفكرية واجتماعية عرفها المغرب طيلة العقود الأربعة الماضية.

وفي ختام المحاضرة فُتح المجال للجمهور من أجل التفاعل مع المحاضر، حيث انصبت الأسئلة حول معوقات الإعلام الثقافي، وفشل القناة الثقافية في استقطاب الجمهور، وعدم السماح للخواص بإنشاء قنوات تلفزيونية، وهيمنة المحتويات الرقمية على المشاهد المغربي، وهشاشة الأرشيف في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة…

وفي رده عن هذه الأسئلة، أكد عبد الصمد بن شريف أن ضعف المضمون الثقافي في الإعلام التلفزيوني يعود إلى ضعف الاعتمادات المادية ومحدودية الموارد الصحفية، أما إحداث قنوات تلفزيونية جديدة ببلادنا فيحتاج إلى قرار سياسي وإرادة حقيقية من طرف الدولة.

وبخصوص هيمنة المحتوى الرقمي على الفضاء الإعلامي، اعتبر المحاضر  ذلك طبيعيا طالما أن صناع المحتوى يركزون على مواضيع جذابة ومثيرة وبوسائل بسيطة، كما أن المشاهد المغربي أصبح أكثر قابلية للتفاعل مع المحتويات التي تعالج مشاكل يومية قريبة من اهتماماته وحياته الخاصة. وحول هشاشة الأرشيف، أوضح بن شريف أن إحياء هذا الأرشيف وإعادة استثماره يحتاج إلى متخصصين لترميم الوثائق المتضررة وبرمجة محتوياتها من جديدة.

وكان لافتا في آخر اللقاء، أنْ وجَّهَ عبد الصمد بن شريف مجموعة من التوجيهات والنصائح لطلبة الإعلام المقبلين على ممارسة المهنة، ومنها أن يكونوا شغوفين بالمهنة، وأن يتسلحوا بالجرأة والشجاعة، وأن ينموا مداركهم المعرفية بالبحث والمطالعة.