متابعة : احمد الزينبي
أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، يوم الخميس بمدينة الدار البيضاء، على تدشين وزيارة عدد من المشاريع الهيكلية الكبرى المدرجة ضمن برنامج إعادة هيكلة وتحديث المركب المينائي للعاصمة الاقتصادية. وتندرج هذه المشاريع الرائدة في إطار الرؤية الملكية السامية الرامية إلى ترسيخ مكانة الدار البيضاء كقطب اقتصادي ومالي رائد على الصعيد القاري، منفتح على محيطه الدولي.
وقد رُصد لهذه الأوراش المهيكلة غلاف مالي إجمالي يناهز 5 مليارات درهم، وتشمل تهيئة ميناء جديد للصيد البحري، وإحداث ورش عصري لإصلاح السفن، وتطوير محطة مخصصة للرحلات البحرية، إلى جانب تشييد مجمع إداري جديد يضم مختلف المتدخلين في الميناء.
وتعكس هذه المشاريع، التي تُشرف على تنفيذها الوكالة الوطنية للموانئ، الحرص الملكي الموصول على تمكين العاصمة الاقتصادية من بنية تحتية حديثة، تواكب المعايير الدولية، وتُسهم في الرفع من تنافسيتها وجاذبيتها، بما يعزز دينامية التجديد الحضري والنمو الاقتصادي المستدام بالجهة.
وفي هذا الإطار، قام جلالة الملك بتدشين ميناء الصيد الجديد، الذي بلغت كلفة إنجازه 1,2 مليار درهم، والذي يُرتقب أن يُحدث تحولًا نوعيًا في قطاع الصيد البحري المحلي. وقد تم تصميم هذا الميناء لاستيعاب أكثر من 260 قاربًا تقليديًا وحوالي 100 سفينة صيد ساحلي، مع توفير فضاءات ملائمة لتفريغ وتثمين المنتوجات البحرية، وتحسين ظروف عمل الصيادين، وتنظيم القطاع بشكل محكم.
ويشتمل المشروع على سوق سمك عصري من الجيل الجديد، ووحدة لتدبير الصناديق البلاستيكية، وثلاث مصانع للثلج، وفضاءات مهنية متعددة، بالإضافة إلى دار للبحار مخصصة لتأطير العاملين بالقطاع.
كما زار جلالة الملك الورش الجديد لإصلاح السفن، الذي يمثل رافعة استراتيجية لإعادة هيكلة قطاع بناء وصيانة السفن بالمغرب. وقد تم إنجاز هذا المشروع الضخم باستثمار قدره 2,5 مليار درهم، ويضم حوضًا جافًا بطول 240 مترًا، وعرض 40 مترًا، وعمق يتجاوز 8 أمتار، قادر على استقبال سفن يصل طولها إلى 220 مترًا.
ويشمل الورش أيضًا منصة لرفع السفن تبلغ حمولتها 9700 طن، إلى جانب حوض إضافي مجهز برافعة ذات حمولة تصل إلى 450 طنًا، مع تهيئة أرصفة بطول 660 مترًا ومساحات مخصصة لإصلاح السفن تمتد على أكثر من 21 هكتارًا.
وفي خطوة استراتيجية لتعزيز جاذبية الدار البيضاء في مجال السياحة البحرية، أشرف جلالة الملك على تدشين محطة الرحلات البحرية الجديدة، التي تم إنجازها بكلفة مالية تقدر بـ 720 مليون درهم. وتتوفر المحطة على بنية استقبال حديثة قادرة على استيعاب 450 ألف مسافر سنويًا، مع إمكانية استقبال سفن سياحية ضخمة يصل طولها إلى 350 مترًا.
ويضم المشروع محطة بحرية حديثة، ورصيف إنزال بطول 650 مترًا، وجسورًا مخصصة للركاب، إضافة إلى مرآب لوقوف الحافلات يسع 44 وحدة، ما يتيح ظروفًا ملائمة لاستقبال السياح والربط السلس مع باقي مكونات المدينة.
كما تم بالمناسبة تدشين المجمع الإداري الجديد، الذي بلغت كلفة إنجازه حوالي 500 مليون درهم، والذي يضم مختلف المصالح العاملة بالميناء من سلطات مينائية، مصالح الجمارك، المقاطعة الإدارية، الفاعلين الاقتصاديين، المعشرين والمناولين.
ويهدف هذا المجمع إلى تحسين استغلال الفضاءات المينائية، وتقليص مدة معالجة المعاملات، وتقديم خدمات أكثر نجاعة وجودة لمستعملي الميناء، في أفق تعزيز التكامل بين الميناء ومحيطه الحضري.
وتُعد هذه المشاريع تتويجًا لمسار التحديث العميق الذي يشهده ميناء الدار البيضاء، في تكامل مع الدينامية الوطنية التي أطلقتها المملكة، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، لتطوير نموذج مينائي متكامل وفعال، لاسيما من خلال الربط الاستراتيجي بين ميناء الدار البيضاء وميناء طنجة-المتوسط.
كما تهدف هذه الإنجازات إلى تعزيز موقع الدار البيضاء كوجهة متميزة في سياحة الأعمال والرحلات البحرية، بما يتماشى مع التحولات الاقتصادية والعمرانية والديمغرافية التي تعرفها الجهة، ويجعل من العاصمة الاقتصادية رافعة حقيقية لتنمية مندمجة ومستدامة.

