تازة : توفيق الكنبور
في خطوة وُصفت بأنها غير مسبوقة في مسار النزاعات الإدارية المتعلقة بالتوظيف العمومي، تقدّم المواطن إسماعيل لخلوفي، ابن مدينة تازة، بطعن رسمي أمام المحكمة الإدارية الابتدائية بالرباط ضد قرار وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، الذي حدّد السن الأقصى لاجتياز مباريات الولوج إلى المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين في 35 سنة.
الطعن الذي أودعه يوم الاثنين 2 نونبر 2025، المحامي زهير أصدور ويستند إلى دفوع قانونية تعتبر القرار “مشوبًا بعيب عدم المشروعية” و”مخالفًا لمبدأ تراتبية القواعد القانونية”، إذ يتعارض مع النظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، الذي ينصّ على أن السن الأقصى للولوج هو 40 سنة، قابلة للتمديد إلى 45 سنة في حالات خاصة.
وجاء في مذكرة الطعن أن وزارة التربية الوطنية تجاوزت حدود اختصاصها التنظيمي بفرض شرط عمري جديد دون أي سند قانوني صريح، معتبرة أن تحديد سنّ الولوج إلى مباريات التوظيف اختصاص مقصور على النصوص التشريعية والتنظيمية العليا، لا على بلاغات أو إعلانات إدارية ذات طابع إخباري.
كما أكّد دفاع الطاعن أن القرار المطعون فيه يمسّ بمبدأ المساواة أمام المرفق العام، ويُخلّ بحقّ المواطنين في الولوج إلى الوظائف العمومية على قدم المساواة، كما نصّ عليه الفصل 31 من الدستور المغربي.
وأضاف أن تقييد الحق في التوظيف بسنّ محدّدة دون مبرّر موضوعي يُعدّ خرقًا واضحًا لقاعدة التناسب بين الغاية والوسيلة، وهي من أهم القواعد التي يرتكز عليها القضاء الإداري في رقابته على مشروعية القرارات الإدارية.
وفي تصريح خاص لـ”موقعنا”، قال المحامي زهير أصدور إن القرار الوزاري المطعون فيه “يمثل تعديلًا فعليًا لنص قانوني صادر بمرسوم، دون احترام للمساطر الدستورية اللازمة لذلك”، مضيفًا أن “الوزارة مارست شططًا في استعمال السلطة، إذ استعملت شرط السنّ كأداة لتقليص عدد المترشحين لأسباب تدبيرية بحتة لا تمتّ بصلة لمعيار الكفاءة أو المصلحة العامة”.
أما الطاعن إسماعيل لخلوفي، الحاصل على الإجازة في الجغرافيا، فقد عبّر عن استيائه من استمرار ما وصفه بـ”الشروط الإقصائية”، قائلاً:
“سبق أن حُرمت سنة 2021 بسبب شرط 30 سنة، وها أنا اليوم أُقصى مجددًا بعد تجاوزي 35 سنة بثلاثة أشهر فقط. أشعر أن حقي في الشغل والمساواة يُنتزع ظلماً، فالمعايير ينبغي أن تُبنى على الكفاءة لا على العمر.”
ويأتي هذا الطعن في ظلّ الجدل المتصاعد حول شروط الولوج إلى مهن التعليم، والذي أثار خلال السنوات الأخيرة موجات احتجاج واسعة من خريجين وجمعيات حقوقية رأت في تحديد السن “إقصاءً غير مبرّر للكفاءات”، وخرقًا لمبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة التي نصّ عليها الدستور المغربي.
ويرى مراقبون أن هذه الدعوى قد تفتح الباب أمام سابقة قضائية جديدة في مراقبة القضاء الإداري لشروط التوظيف في الوظيفة العمومية، خصوصًا في قطاع التعليم الذي يُعتبر من أكثر القطاعات التصاقًا بمبدأ تكافؤ الفرص والحق في الشغل.
ينتظر المتتبعون باهتمام بالغ مآل هذا الطعن الإداري، الذي قد يرسم ملامح جديدة في علاقة القرارات الوزارية بالقواعد القانونية العليا، ويعيد طرح النقاش حول السنّ كشرط للتوظيف العمومي بين من يراه ضرورة تنظيمية ومن يعتبره إقصاءً غير مشروع لفئة واسعة من الشباب المغربي الطامح إلى ولوج مهنة التعليم.

