متابعة : احمد الزينبي
في عالم الإدارة الترابية، قلّما تجد مسؤولًا يوازن بين الصمت والفعالية، وبين القرب والتجرد، وبين الحزم والتنمية. من بين هؤلاء يبرز اسم السيد سيدي صالح دحا، عامل إقليم تاونات، الذي منذ تعيينه بتاريخ 20 غشت 2018، ظل يمارس مهامه بحكمة إدارية، وتواصل إنساني، وصرامة تنموية تُحترم.
ازداد السيد سيدي صالح دحا سنة 1969 بمدينة العيون، وراكم تجربة متميزة تجمع بين الخبرة الأكاديمية والإدارية. فقد حصل على دبلوم الدراسات العليا المتخصصة في التجارة الدولية، ودبلوم الدراسات المعمقة في الاقتصاد الدولي من جامعة السوربون بفرنسا.
قبل دخوله إلى دواليب وزارة الداخلية، راكم سيدي صلاح دحا تجارب مهنية في قطاعات خاصة واستشارية، إلى أن عُيّن سنة 2014 عاملاً على إقليم سيدي إفني، ثم انتقل بعدها إلى تاونات في سنة 2018، حيث سيُحدث فرقًا ملحوظًا في الأداء الإداري والتنموي بالإقليم.
منذ توليه منصبه على رأس إقليم تاونات، اختار السيد العامل نهجًا تواصليًا شاملًا، منفتحًا على الجميع دون استثناء حيث استطاع ان ينظم 39 لقاء تواصلا مع رؤساء الجماعات بالإقليم للإنصات والتشخيص لكل اكراهات كل جماعة على حدة ، واختار النزول الى الميدان والإنصات للمواطنين وممثلين الجماعات والرؤساء والمعارضة دون حضور الاعلام ، اختار ان يعمل في صمت ، متفاعل مع النخب السياسية، الجمعوية، الحقوقية ، والإعلامية، دون أن يقع في فخ الاصطفاف والحسابات الضيقة.
حضوره الميداني المتكرر في ربوع الإقليم، وتواصله الدائم مع الساكنة والفاعلين، جعله يرسّخ ثقةً مجتمعية قلّ نظيرها، ويساهم في خلق نوع من الاستقرار السياسي المحلي الذي طالما افتقدته مناطق مماثلة.
في عهد سيدي صالح دحا عامل إقليم تاونات عرفت تاونات دينامية تنموية واضحة، خاصة في إطار المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2019-2024)، حيث تم إنجاز 1537 مشروعًا وآلية بغلاف مالي ناهز 669 مليون درهم، بالإضافة الى مشاريع استهدفت تحسين البنية التحتية، وتأهيل المؤسسات التعليمية والصحية، وتمكين الشباب اقتصاديًا، وتأهيل طرق ومسالك قروية لفك العزلة، مثل الطريق الإقليمية رقم 5310 الرابطة بين تاونات وسيدي المخفي، وتشييد مؤسسات تعليمية حديثة، كالثانوية التأهيلية بجماعة الرتبة بتكلفة فاقت 11.5 مليون درهم، تعزيز العرض الصحي بمراكز الأمومة ومشاريع متنقلة في العالم القروي، دعم مباشر للمشاريع المدرة للدخل لفائدة الشباب والنساء، من خلال تجهيز عربات تجارية، وتمويل أنشطة اقتصادية صغيرة بالإضافة الى مشاريع أخرى ………….
لم تكن تدخلات السيد العامل مقتصرة على المركز أو الجماعات الكبرى، بل شملت الجماعات القروية والمناطق الهامشية ، حيث تم اعتماد مقاربة القرب والعدالة المجالية في توزيع المشاريع، وهو ما يفسر انخراط الساكنة وممثليها في دينامية التنمية، وثقتها في مؤسسات الدولة.
ومن الملاحظ أيضًا أن تدبير المشاريع لا يتم في غرف مغلقة، بل عبر لجن محلية وإقليمية تضم مختلف الفاعلين، ماأرسى تقليدًا جديدًا من الشفافية والرقابة المواطنية ، فالمجتمع المدني، الجمعيات، الإعلام، والمنتخبون، باتوا جزءًا من دينامية القرار المحلي.
في بداية سنة 2024، تم اختيار السيد سيدي صالح دحا ضمن “شخصيات السنة” من قبل وسائل إعلام محلية وجهوية، وذلك تقديرًا لإشعاعه الإداري وبصمته التنموية، في مشهد يعجّ بالتحديات والانتظاران.
وفي زمن تسود فيه الضبابية أحيانًا حول أداء بعض المسؤولين، يثبت سيدي صالح دحا أن الإدارة الترابية لا تزال قادرة على صناعة الفارق الإيجابي، حين يقودها رجال دولة يؤمنون بأن التنمية مسؤولية وشرف، وليست سلطة فقط.
إقليم تاونات اليوم، ليس هو نفسه في 2018. فرق كبير أحدثه عمل دؤوب، عقلاني، بعيد عن الأضواء الصاخبة، لكنه قريب جدًا من نبض المواطنين.
حين يُذكر اسم سيدي صالح دحا في إقليم تاونات، لا يُستحضر فقط رجل سلطة، بل تُستحضر مدرسة في التسيير المتزن، ونموذج في الإصغاء العميق لهموم الناس، وصورة مسؤول اختار أن يكون قريبًا من المواطن، لا من الكاميرا.
في زمن طغى فيه الضجيج، اختار أن يكون صوته هو النتيجة، وقراره هو المصلحة العامة، وسلاحه هو العدل والتنمية.
فلم يكن مجرد عامل إقليم، بل كان جسرًا بين الدولة والمجتمع، بين الطموح والإمكانيات، بين الأمل والواقع.
اليوم، تاونات لا تشكره بالكلمات، بل تشهد له بالطرق التي فُتحت، والمدارس التي شُيّدت، والكرامة التي عادت لقرى كانت منسية.

