فضيحة عقارية تهز تازة.. تحقيقات تطال منتخبين وبرلمانيين في تلاعبات بالحي الصناعي

متابعة: توفيق الكنبور

تعيش مدينة تازة على وقع زوبعة غير مسبوقة، بعدما دخلت المصالح المركزية بوزارة الداخلية على خط ملف مثير يتعلق بتفويت واستغلال بقع أرضية داخل الحي الصناعي بالمدينة، تورط فيه منتخبون وبرلمانيون وشخصيات نافذة، يُشتبه في استفادتهم من عقارات مخصصة للاستثمار الصناعي بغرض المضاربة وتحقيق أرباح خيالية.

وكشفت مصادر مطلعة أن وزارة الداخلية وجهت مراسلة رسمية إلى عامل إقليم تازة، تطالبه بإعداد تقرير مفصل وتتبع دقيق لوضعية هذه البقع غير المستغلة، بناءً على تقرير صادر عن ولاية جهة فاس–مكناس، أشار إلى وجود عشرات القطع الأرضية التي ظلت خارج دائرة الاستثمار لسنوات، فيما تم تحويل بعضها إلى أنشطة مخالفة لدفتر التحملات.

كما  شددت على ضرورة فتح تحقيق عاجل حول الطريقة التي استفاد بها عدد من النافذين، من بينهم برلمانيون ومنتخبون وأقاربهم، من بقع في الحي الصناعي بتازة دون احترام الغرض الأصلي المخصص لها، والمتمثل في إنشاء مشاريع إنتاجية تخلق فرص شغل وتسهم في التنمية الاقتصادية للمنطقة.

Ad image

وبحسب المعطيات المتوفرة، فقد استفاد سبعة برلمانيين من أكثر من بقعة أرضية داخل الحي الصناعي، إلى جانب تسعة من أبنائهم، وأحد عشر مستشاراً جماعياً، وثلاثة عشر عضواً من الغرف المهنية، وأربعة عشر شخصية سياسية معروفة بتازة وضواحيها، حيث جرى تفويت بعض هذه العقارات أو كراؤها بأسعار مرتفعة في إطار عمليات مضاربة غير قانونية.

وأكدت المصادر ذاتها أن عامل الإقليم تلقى تعليمات واضحة بفتح تحقيق شامل في هذه الخروقات، والتدقيق في الحالات التي تم فيها تغيير طبيعة النشاط أو تحويل العقارات الصناعية إلى مستودعات ومحلات تجارية أو حتى مساكن خاصة، في خرق صريح لمقتضيات القانون رقم 102.21 المتعلق بالمناطق الصناعية، والذي يُلزم المستثمرين بتثمين العقار داخل آجال محددة، تحت طائلة فسخ العقد واسترجاع العقار.

وفي السياق ذاته، دعت وزارة الداخلية إلى تفعيل المساطر القانونية ضد كل مخالف، ومراجعة جميع التراخيص الممنوحة، خصوصاً تلك المتعلقة ببناء مستودعات أو قاعات للفحص التقني أو محلات لبيع مواد البناء، والتي يُشتبه في استغلالها لرفع القيمة السوقية للعقارات الصناعية بشكل مصطنع قصد المضاربة.

تأتي هذه التطورات في وقت كان فيه وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، قد أكد خلال جلسة برلمانية سابقة، أن وزارته تعمل على استرجاع العقارات الصناعية غير المستغلة بالحي الصناعي لتازة عبر المسار القضائي، مشدداً على أن المضاربة العقارية تمثل السبب الرئيسي وراء تعثر الاستثمار في هذه المنطقة.

يُذكر أن القضاء بتازة كان قد أصدر، سنة 2021، أحكاماً قضائية بنزع تسع بقع أرضية من مستفيدين خالفوا دفتر التحملات الخاص بالحي الصناعي، فيما لا تزال إحدى عشرة بقعة أخرى موضوع متابعة في انتظار الحسم النهائي فيها.

ملف الحي الصناعي بتازة لم يعد شأناً محلياً فحسب، بل تحول إلى قضية وطنية تعكس حجم التحديات التي تواجه الاستثمار الحقيقي في المناطق الداخلية، وتعيد طرح السؤال حول من يحمي العقار العمومي من المضاربة، وكيف يمكن إرساء عدالة اقتصادية تضمن تكافؤ الفرص وتخدم التنمية لا المصالح الشخصية.

 

Share This Article
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *