فاس العظمى بين جشع لوبيات العقار وفشل المنتخبين

متابعة : احمد سوجاع

دائمًا ما نقول: ربما العيب فينا… وفعلاً، هو العيب فينا، لأننا نقبل بتكرار نفس الأخطاء في اختيار من يسير شؤوننا المحلية. كيف يُعقل أن تُسند إدارة مدينة بحجم وتاريخ فاس العظمى إلى منتخبين لا يملكون الكفاءة لتسيير حتى حياتهم اليومية، فكيف لهم أن يديروا مصالح مدينة تاريخية بهذا العمق الحضاري؟

اليوم، فاس تتأرجح بين جشع لوبيات العقار وسذاجة سياسيين فاشلين، والنتيجة واضحة: مناطق تُنمّى لخدمة أصحاب المال والنفوذ، وأحياء أخرى تُترك للإهمال والنسيان. لسنا ضد تنمية أي منطقة داخل النسيج الحضري للمدينة، لكننا ضد سياسة الانتقاء التي تجعل مصلحة القلة تأتي قبل مصلحة الأغلبية.

Ad image

أبرز مثال على هذا الواقع المؤلم هو شارع الحسن الثاني، أحد الرموز الحضرية التي ارتبطت بفترة ازدهار المملكة، ويحمل اسم ملك عظيم طيب الله ثراه. هذا الشارع، الذي كان في السابق قبلة للساكنة والزوار، أصبح اليوم شبه مهجور: إنارة منعدمة، حفر خطيرة، حدائق وسطية مهملة، ونفايات تتراكم دون أن تكلف الشركة المفوض لها نفسها وضع عامل واحد للعناية بالنظافة. الصور المرفقة بهذا المقال تُظهر حجم التدهور بوضوح.

الغريب أن هذا الشارع يعرف توافدًا كبيرًا للساكنة الفاسية، لكنه لم يسلم من التهميش، في وقت نجد فيه شوارع أخرى مثل شارع أحمد شوقي تتمتع بنظافة مثالية، وإنارة ليلية متوهجة، وزرابي مفروشة خلال الاجتماعات الرسمية، لأن تلك المناطق تُخدم مصالح النخبة التي تدير المدينة، حيث تُعقد اجتماعاتهم في الفنادق الراقية، وتُدرّس أبناؤهم في المدارس الفرنسية.

إن قدسية ورمزية شارع الحسن الثاني ليست مجرد اسم على لافتة، بل هو رابط وطني وأسري وثقافي يربطنا بتاريخنا وملوكنا الشرفاء من العلويين. وعندما نسمع أسماء مثل شارع الحسن الثاني، أو شارع محمد الخامس، أو شارع محمد السادس، نشعر أننا في قلب وطننا وبيتنا الكبير.

لذلك، فإن ما يحدث اليوم في فاس ليس مجرد إهمال عرضي، بل هو سياسة ممنهجة تترجم فشل العمدة ومجلسه، وتفضح منطق المصالح الضيقة على حساب الصالح العام. والرسالة واضحة: راعوا على الأقل لاسم الشارع وقدسيته، إن لم تستطيعوا تنميته بما يليق بتاريخ المدينة وأهلها.

Share This Article
لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *