متابعة : احمد الزينبي
في قلب إقليم تازة، وعلى مرمى حجر من مدينة عريقة بتاريخها وثقافتها، تقع جماعة البرارحة، التي كان من الممكن أن تكون نموذجًا للتوازن بين العالم القروي والتحضر، لولا غياب واضح في مظاهر التنمية، وتأخر مقلق في توفير البنية التحتية الأساسية التي تحفظ كرامة السكان وتستجيب لحقوقهم الأساسية.
ورغم مرور سنوات على البرامج الوطنية للتنمية القروية، ورغم الشعارات المرفوعة حول العدالة المجالية، تبقى البرارحة جماعةً تُعاني في صمت من غياب البنية التحتية الأساسية كالطرق، والانارة والمنشئات الفنية مما جعل مجموعة من الدواوير في عزلة تامة وخاصة في فصل الشتاء بالإضافة الى نقص كبير في المرافق الاجتماعية والخدماتية كمراكز صحية، مرافق رياضية، شبكات الماء والكهرباء في بعض الدواوير، وفقر في الفضاءات التربوية والثقافية، ما يجعل الشباب عرضة للفراغ والتهميش،
مواطنو جماعة البرارحة عبّروا في أكثر من مناسبة عن استيائهم من الإقصاء والتهميش، خصوصاً أن الجماعة تتوفر على مؤهلات طبيعية وبشرية مهمة، تؤهلها لتكون فاعلاً حقيقياً في التنمية المحلية، لو وُجد التخطيط الجاد والإرادة السياسية الصادقة.
وتطرح الساكنة أسئلة حارقة:
لماذا لا تُدرج الجماعة في مخططات تنموية جهوية فاعلة؟
أين وصل برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية؟
لماذا تظل طرق الجماعة محفّرة، والمراكز الصحية شبه مغلقة، والمدارس بدون تجهيزات لائقة؟
وفي ظل غياب فرص الشغل، وانعدام فضاءات التكوين والتأطير، يعيش شباب البرارحة في عزلة حقيقية. هذا الواقع يفاقم ظاهرة الهجرة نحو المدن، أو أسوأ من ذلك، نحو الهامش الاجتماعي داخل الجماعة نفسها، حيث البطالة، والانقطاع المبكر عن الدراسة، والتسرب نحو أشكال من الانحراف باتت تهدد النسيج الأسري والاجتماعي المحلي وإذا كانت التنمية مسؤولية الدولة، فإن للجماعات المحلية دورًا حاسمًا في اقتراح البرامج وتعبئة الشركاء.
جماعة البرارحة بحاجة إلى:
مخطط تنموي واقعي ومندمج، يأخذ بعين الاعتبار أولويات الساكنة وليس فقط التوازنات التقنية.
إشراك حقيقي للمجتمع المدني والشباب في التشخيص والتخطيط.
تنسيق فعلي بين الجماعة، عمالة إقليم تازة، ومجالس الجهة لتمويل المشاريع كبناء منشات فنية تربط إقليم تاونات وتازة ، توسيع الطرق، وتحسين خدمات الصحة والتعليم.
ما تعيشه جماعة البرارحة اليوم ليس قَدَرًا حتميًا، بل نتيجة غياب السياسات الناجعة وتراكم الإهمال. لكن الواقع يمكن تغييره، إذا توفرت إرادة حقيقية لدى المنتخبين، وإذا تحركت الجهات المسؤولة لوضع هذه الجماعة ضمن دائرة الأولوية، لا التهميش.
فأبناء البرارحة يستحقون تنمية تحفظ كرامتهم، لا مجرد وعود انتخابية تنتهي عند صناديق الاقتراع.

