متابعة : احمد الزينبي
شهدت مدينة تاونات خلال الأيام الأخيرة وقفات احتجاجية مرت في أجواء هادئة وسلمية، عكست مستوى عاليًا من الوعي والمسؤولية لدى المتظاهرين من جهة، والاحترافية والتدبير الحكيم للمصالح الأمنية من جهة أخرى. وقد حظي هذا المشهد باهتمام واسع وإشادة كبيرة من قبل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وفاعلين حقوقيين، الذين عبروا عن تقديرهم الكبير للطريقة التي تم بها التعامل مع هذه الأشكال الاحتجاجية.
ووصفت فعاليات مدنية وحقوقية تعامل عناصر الأمن بـ”النموذجي”، معتبرة أن حضورها الميداني جاء مواكبًا دون تسجيل أي احتكاك أو تجاوز، في تجسيد فعلي لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين المواطن ومؤسسات الدولة في مغرب اليوم.
وقد جاءت هذه الوقفات، التي تم تنظيمها في احترام تام للقوانين الجاري بها العمل، لتكشف عن نضج في الوعي الجماعي لدى الساكنة، وعن تطور ملموس في طريقة تعاطي الأجهزة الأمنية مع الحركات الاحتجاجية، بما يكرس مبادئ الدولة الاجتماعية الحديثة التي دعا إليها جلالة الملك محمد السادس نصره الله في أكثر من مناسبة.
وفي الوقت الذي تشهد فيه بعض المناطق توترات في تدبير بعض الوقفات، شكلت تاونات استثناءً إيجابيًا يستحق التنويه، حيث مرت الاحتجاجات في جو من الرقي والتحضر، يعكس تحوّلاً في الثقافة الحقوقية لدى الجميع، ويؤكد أن الديمقراطية في المغرب تمضي بخطى ثابتة نحو ترسيخ دولة القانون والمؤسسات.
إن مشهد “الوقفة الراقية” التي جمعت المتظاهرين برجال الأمن في احترام متبادل، يجسد بالفعل روح “ثورة الملك والشعب” في بعدها الجديد، حيث المواطن شريك في البناء، ورجل الأمن ضامن للاستقرار والحقوق في آنٍ واحد.
ويأمل العديد من المتابعين أن يُعمم هذا النموذج من التعاطي مع الاحتجاجات على باقي ربوع المملكة، حتى يكون الحوار والاحترام المتبادل هما القاعدة في معالجة مختلف الملفات المجتمعية.

